نادين لبكي في "كفرناحوم".
. أمسكت يدنا وأخذتنا معها لتعرّفنا على زين، الطفل الّذي احتار بين أن يواجه أسهم عمالة الأطفال التي قتلت طفولته، ونيران الفقر التي التهمت جسده البريء، ودفاعه عن أخته القاصر التي ماتت ضحيّة شهوة زوجها وجهل أهلها الّذين لا يعلمون سوى لغة الضرب والتعنيف.
لن أكذب وأقول إن نادين لبكي لم تر في ذلك لبنان الذي يجلد أجساد الأطفال، لبنان العنصري الذي يتاجر بالأطفال، لبنان الّذي تملؤه مناطق الفقر من دون النظر إليها، وطرحت مشكلة العاملات الاجنيات، ولن أنكر أن لبكي المحامية التي دافعت عن عدّة قضايا بملف واحد أخذتنا إلى واقع غصّ به الطفل زين الحاج، وأدمعت له عيوننا.
"كفرناحوم"، هو الفيلم الذي رفع إلى العالم عشرات الملفات والقضايا، والتي كلّها تصب بأوزانها الثقيلة على أكتاف طفل لم يكن ذنبه سوى أنه ولد بأحضان والدين لا يملكان إلا القليل من المعرفة والكثير من الجهل.
استيقظ زين يوما ما ووجد دماء على فراش أخته القاصر التي دخلت سن البلوغ، ليناديها بعدها أهلها قارعين جرس الزواج. لم يستطع ذاك الطفل الشهم أن ينقذ أخته التي ارتدت الفستان الأبيض يوما والذي تحوّل بعده إلى كفن، وغيرها من الأمور.
هذا كله من جهة، وأداء الممثلين الحقيقي بعيدا عن التمثيل المبالغ، والموسيقى المحترفة والإخراج الرائع حصته من جهة أخرى، فبالفعل، الآن علمت كم أنّ الوصول للعالمية بحاجة إلى ريشة وعدسة مبدعة!
وبرأيي الشخصي، هذا العمل لا يستحق فقط جائزة "كان" التي فاز بها العمل، لا بل يستحق ايضا جائزة الأوسكار.